الجمعة، ديسمبر ٣٠، ٢٠٢٢

الجمعة، أغسطس ١٩، ٢٠٢٢

مشيخة حارة "عتلم"



مشيخة "حارة عتلم" 

                             قصة بقلم  /سمير الأمير

... 

بعد غربة طويلة، عدت لمدينتي لأجد كل حارة تختار لنفسها علامة تميزها عن باقي الحارات، حتى تلك الحارات القديمة التي كانت متساندة ومدركة أن ضعف كل حارة، لا يجبره إلا جيرانها من الحارات الأخرى،

 لا أعلم على وجه اليقين ما الذي جرى وجعلهم متنافرين وبأسهم بينهم شديد بعد كل مواويل ومشاعر الود والحنان  التى كانوا يحفظونها.. يقال أن شدة الفقر جعلتهم يسرقون الدجاج والحمام من أسطح بعضهم البعض، ويقال أن تبرج النساء جعل من لديه امرأة قبيحة أو متوسطة الجمال، يحقد على من لديه امرأة جميلة، ولا يتفق اثنان في كل الحارات على سبب واحد أو حل واحد للمصيبة العامة التى يرزحون تحتها، منهم من يقول أن ذلك راجع لهدم المعامل وتحويلها لكافتريات ومنهم من يقول أن ذلك يرجع للبعد عن الدين الإسلامي والمسيحي،ويتبقى نفر منبوذ من قراء الجرائد والروايات يتحدثون مع بعضهم ليل نهار عن التخلف والتقدم،لا يقاربهم أحد ولا يقتربون من أحد. 

ما يدعو للحزن هو أنه اصبح لا يمر يوم إلا وهناك مشاحنات قد تصل للقتل، وهذا أعطى الأمان للحي الوحيد الراقي في المدينة، فلم يعد فيه من يبلغ عن سرقة منزل أو سيارة، أو حتى  ثمرة من الحدائق المنتشرة أمام البيوت ذات العتبات الرخامية التي تشبه اللبن الصافي وتنعكس عليها زرقة السماء الصافية، 

المصيبة الأكبر هو أن صراع الحارات انتقل إلى كل حارة على حدة فانشغل الناس بخناقات يومية في شوارعهم وبيوتهم وسطت الحارات على بعضها  في الاوقات التي كانت الاشتباكات الداخلية تخفت حدتها ليكتشفوا انهم لا يملكون حتى قوت يومهم،

 الغريب في كل هذا أن حارة "عتلم" رغم أنها حارة الأصلاء من قطاع الطرق والمجرمين، وتعدادهم كلهم لا يتجاوز  عدد  الناس في زقاق واحد من أي حارة، هي الحارة الوحيدة التي لم يصدر عنها ما ينم عن تطاول الصغير على الكبير، أو أي مظهر واحد من سوء الأخلاق وغياب الاحترام بينهم، وظل الولد-أي ولد- خادما مطيعا لأبيه وأعمامه وأخواله وإخوته الكبار، وظلت البنت-أي بنت- هي ابنتهم جميعا لا ينظر إليها أحد إلا عندما يقرر الزواج منها ولذا لم تخش أم واحده من دخول بنتها بيت عمتها أو خالتها أو جارتها، 

أما الكبار فكان لهم مجلسهم بمضيفة عتلم الكبيرة، يتحاورون  معا بمنتهى الحرية، لكنهم إن انتهوا لقرار تعاهدوا على تنفيذه وتعاهدوا على التخلص من أي شخص منهم  لا يلتزم به، وغالبا كانت القرارات تخص فرض الحماية وفردة الأسواق على الحارات الأخرى، ووصل الأمر أنه لم يكن بمقدور أي فرد أن يسافر خارج المدينة لزيارة أقاربه في أي قرية أو مدينة أخرى دون الحصول على إذن بمقابل مادي من "مشيخة حارة عتلم" 

وهكذا ضمنوا وحدتهم وتميزت حارتهم، 

ولا أعلم ما الذي حملني على التقاط ورقة  طارت من عربة القمامة التي كانت قد خرجت لتوها من حارة عتلم، والتى أضاءت دماغي وعكرت صفو حياتي، خصوصا بعد أن ميزت بين سطورها جملة كانت واضحة جدا تقول: تعليمات  خاصة بضمان استمرار امدادات الحارات التابعة لمشيخة" حارة عتلم" وتوزيعها بالعدل على المواطنين الشرفاء من أبناء حارتنا....

الجمعة، مايو ٠٧، ٢٠٢١

الأحد، مايو ٣١، ٢٠٢٠

حوار مع جريدة الاتحاد الاشتراكى المغربية سمير الأمير :عن الكتابة وشؤونها إعداد: إدريس علوش



حوار مع جريدة الاتحاد الاشتراكى المغربية
 سمير الأمير :عن الكتابة وشؤونها
إعداد: إدريس علوش

- ماذا تكتب ألان..؟

*أكتب رباعيات من شعر العامية المصرية تعليقا على الأحداث السياسية بعد أن قررت التوقف عن كتابة المقالات لكى أساهم فى التخفيف من حالة الاستقطاب السياسى التى تمزق المجتمع المصرى بعد  تولى الإخوان الحكم
- إلى أي حد يسعفك هذا الفصل في الكتابة..؟
*الكتابة فعل طبيعى بالنسبة لى ولغيرى ، ربما نتأثر بالطقس ولكن سيطرة الفكرة قد تنسيك كل ما حولك وفى تقديرى أنها قضية تدريب على  التورط فى الموضوع بحيث تصبح أنت ما تكتبه أى لا تصبح هناك مسافة بين الكاتب والموضوع فأنت تكتب عندما تكتب
- أي فصل من فصول السنة يلهمك أكثر؟
*الشتاء يلهمنى حيث أعتبر أنه يجسد علاقة السماء بالأرض كنت أعتقد وأنا صغير أن هنال فى السماء من هم مسؤلون عن فتح صنابير المطر ، وكان الشتاء يمثل لنا فى القرى فرصة للهو تحت المطر كأطفال وكل شتاء أستدعى تلك الذكريات التى ربما تلهمنى نصا ما، ولكن الصيف أيضا فى الأماكن المفتوحة على الشواطىء غير المطروقة يجعلك تشعر بأنك تعود إلى سيرتك الأولى كخلية تسبح فى الماء
وهذا أيضا مرهون بأن تنسى أن هناك فقراء لا يستطيعون الوصول إلى البحر   وفى كل الحالات ربما يصبح التفكير فى البسطاء وسكونهم الإجبارى وتناقضه مع حركة المرح على الشواطىء موضوعا للكتابة
- أي شعور يعتريك عندما تنهي نصك..؟
*فرح بالغ يعقبه مباشرة إحساس بالخوف من عدم القدرة على فعل الكتابة مرة أخرى ، كما أن إعادة النظر فيما كتبت قد تون مفيدة لتطوير النص وقد تجعلنى اعبث به حتى ينهار رغما عنى ولا أستطيع بناءه مرة أخرى
- وأنت تكتب هل تستحضر المتلقي..؟
نعم ولكن على اعتبار أننى قد أكون أنا الكاتب وأنا المتلقى فى آن معا
- هل تمارس نوعا من الرقابة على ذاتك وأنت تكتب..؟
*لا أفعل ذلك  إلا فى أضيق الحدود وللأسف أدرك أن النص سيولد مشوها وإن كان القراء والأصدقاء لا يلحظون تلك العيوب إلا أننى أشعر بأننى مارست نوعا من التدليس على نفسى وعلى القارىء ولكننى أفعل ذلك بحكم أننى أخلاقى إلى حد ما
- إلى أي حد تعتبر الكتابة مهمة في حياتك..؟
* الكتابة مهمة طبعا بدرجة كبيرة ولكنى اتمنى أن أستغنى عنها وأن أشرع فى الدخول إلى النص الحقيقى للوجود وهو يعاش ولا يكتب – ساعتها سأفرح غن كنت أنا نفسى موضوعا للكتابة عند كاتب آخر

- الكتابة..ما تعريفك لها..؟
الكتابة هى محاولة إخراج الرؤى إلى نص من حروف وهى محاولة فاشلة عند كل الكتاب  ولكن الإبداع والروعة يكمنان فى مدى صدق وجدة وجدية المحاولة
- إلى أي حد أنت راض عما كتبت..؟
أبدو راضيا أمام استحسان الناس للقصائد التى ألقيها ولكننى أعرف أن قدرا من الذاتية والرغبة فى الحصول على رضاهم يشوه القصائد وأتمنى أن أكتب لى أنا ومن يجد نفسه متورطا فى موضوعى فهذا  حقه   ولكنى أعتبر تورطه نصا آخر ا جلبه نصى الذى أتمنى أن يجلب نصوصا كثيرة  عند قراءتى أنا له عدة مرات
- عادة هل تعيد قراءة ما كتبت قبل اتخاذك لقرار النشر..؟
*نعم بالتأكيد وأحيانا أمتنع عن النشر لإدراكى أن الموضوع لا يستحق وهى لحظة صعبة  ومريرة عندما تكتشف أن نصك ليس نصا حقيقيا

 26-1-2013

1-8-2012" ريحة الحياة...... ريحة الشعر"



" ريحة الحياة...... ريحة الشعر"
بقلم/ سمير الأمير   
أ. مقدمة ضرورية
فى الشعر كما فى العصائر ما هو طبيعى كالفاكهة الطازجة وما هو مجرد لون ورائحة وطعم صناعى يجعل من لا يستطيع أن يفرق يعتقد أنه يستمع لشعر حقيقى تماما كما يظن من يتناول الشربات الأحمر الفاقع أنه يتناول عصير الفراولة، ولكن هذا لا ينطلى على الذين يعرفون معنى الفاكهة الحقيقية، ربما لا يحب إنسان طعم المانجو الطبيعى ولكن تبقى للمانجو مكانته التى لا ينكرها عشاق الليمون، فى الشعر أيضا قد لا تروقك القصائد العمودية لكن هذا لا يعطيك الحق فى أن تقلل من قدر" المتنبى"، وقد لا ترى فى قصائد النثر ما يدفعك للقول بأنها تنتمى لجنس الشعر ولكن ليس بمقدورك أن تنكر جدة و أصالة ما كتبه" الماغوط "أو" أنسى الحاج"، وقد تجد من خريجى الأزهر والمتدينين من يهاجم شعر العامية ويعتبره سُبة فى جبين العرب ولكنك قد تسمعه يردد الأغانى التى كتبها" مرسى جميل عزيز" أو “الأبنودى"، أى أنه ليس شرطا أن تتفق ذائقتك مع نوع من الفنون لكى تعترف بأنها فنون حقيقية لأن الفنون الحقيقية كالفاكهة الحقيقية مستقلة عن ذائقة المتلقى بدرجة ما.
على أن المرء يجب أن يعترف أن داخل إنتاج الشعراء ما هو طبيعى وما هو مفتعل وأنه كلما زاد حجم الأصيل فى إبداعهم كلما اتسعت دائرة من يتلقون إنتاجهم و ومن يستمتعون به، بل قد تنتشر أبياتهم حكما وأمثالا على ألسنة العامة والخاصة، غير أن الحق يقتضى أيضا أن أقول أن "الافتعال" عند الشعراء الجيدين يكون استثناءا وعند المتشاعرين يصبح هو القاعدة ومن ثم يصبح تناول إنتاجهم تهديدا للوجدان وللذائقة وخطرا على مستقبلات الفن والجمال والإحساس داخل الدماغ الإنساني، ومن هنا فإنني أهيب بالمؤسسات المعنية بنشر الإبداع أن تراعى الدقة فى إجازة الأعمال للنشر لأن هذا النشر ممول من ميزانية الدولة   وعلى هؤلاء أيضا أن يعلموا حجم ما يرتكبوه من جرم إذ تقع تلك الكتب فى أيدى المبتدئين فيظنون أن الإبداع يكون هكذا، كما أن الشعب العظيم الذى استمع إلى المواويل الشعبية وتأثر بها وأنتجها سينصرف عن الإبداعات المفتعلة غير الأصيلة لأن الناس أصبحت أكثر وعيا و لذا لم يكن غريبا أن يردد الثوار فى الميادين أغانى" سيد درويش" و" الشيخ إمام" و"منير" ولا يلتفتون لمعظم الأشعار والأغاني التى صدرت عن السلاسل الأدبية على مدى ثلاثين عاما، على أنه يلزم التنويه أن ذات السلاسل صدر عنها أعمال رائعة لمبدعين كبار لكن مجاورتها بركام الأعمال التافهة قد ضيعها وضيع الحقوق الأدبية والمعنوية لمبدعيها بعد أن زاحمهم المدعون الذين اعترفت بهم المؤسسات واحتفى بهم الإعلام انتقاما من الشعراء والكتاب الوطنيين الذين جعلوا من إبداعهم رسائل للوطن وللناس فضلا عن دورهم المناهض لقمع الحريات وللسياسات التى انتهجها النظام منذ سنة 1974 وحتى ثورة الخامس والعشرين من يناير   2011 التى لم تفلح حتى الآن فى القضاء على هذا النظام التابع الذى يعتمد على الاقتصاد الريعى الذى لا هدف له إلا نهب البلاد والعباد.
ب.  ديوان ريحة الحياة للشاعر" أشرف عزمى
صدر الديوان عن سلسلة " كلمات" بفرع ثقافة الدقهلية فى تسعين صفحة من القطع المتوسط فى العام   2012   بعنوان " ريحة الحياة" وهو عنوان يعطى دلالتين متناقضتين إذ قد يقع فى روعك أن الشاعر يقصد أن الحياة التى نحياها ليست حياة حقيقية وإنما هى مجرد رائحة ومن ثم فنحن كائنات متشوقة للحياة الأصيلة وليس لمجرد رائحة الحياة التى لا تشى بأية إمكانية للسعادة وللتحقق، أما المعنى الآخر فلن تحصل عليه إلا عندما تقرأ العنوان وأنت تأخذ نفسا عميقا كأنك تولد الآن وتستقبل رائحة الحياة وهو ما يعطى دلالة على فرحك واحتفائك بالحياة، وبين هذين المفهومين يمكن أن نضع معظم قصائد الديوان حين نحلل القصائد على مستوى المحتوى وطبقا للرسالة التى تسعى لتأكيدها كل قصيدة، وأحيانا فى داخل كل قصيدة تجد الرسالة تتأرجح بين اليأس والأمل أو تجد الرسالة تسعى فى اتجاه معين بينما يأخذك التدفق الإيقاعي الخارجى للكلمات فى اتجاه يتناقض مع المضمون العام للقصيدة، ففى قصيدة "خيال المآته" مثلا يقول الشاعر:-
كلك كده مداس عليك/ داسوا خلاص على عزتك/ دبحوا البراءة ولجموا فيك السكااااااااااااااات
فالأحرى أن الأعداء لجموا فيه " الكلام " وليس السكات"/// وفى نفس القصيدة يقول " أشرف عزمى" وهو يتحدث إلى وطنه/ دعوة بقلب ملان صفا/ وبروح يدفيها الإيمان
الدور يجينا كلنا / لا نعلم هنا إن كان "الدور" هنا يشبه " دور المرض" ربما لا يقصد الشاعر ذلك لأن الدعوة كانت من قلب ملىء بالصفاء وبروح يدفئها الإيمان فلابد أن يكون ذلك " الدور " شيئا جميلا وإلا فإن البناء يصبح متناقضا ؟ وهو الأمر الذى أرجحة لأنه فى نهاية المقطع يقول:-    ياخدنا لرحاب اللى راحوا__ إلى أن يقول: وتعيش وحيد يا وطن _ كان يمكن لهذا التناقض أن يختفى تماما بتغيير كلمة واحدة  وهى كلمة " رحاب"  بكلمة  أخرى عكسها تماما " قد تعنى " المتاهة"  " الخيبة" لأن كلمة رحاب توحى بالاتساع والجمال فضلا عن معناها الدينى ، لكن نهاية القصيدة كانت بالغة الاتساق والروعة  ، يقول أشرف عزمى :
                  واقفين خلاص/ جاهزين لكم / تعالوا يالله واسرقونا/ حتلاقونا ف انتظاركم/ فارشين لكم روحنا طريق/ ما احنا خلاص خيال مآته كلنا/
الجدير بالملاحظة أيضا أن إعادة ترتيب بعض الأسطر وحذف بعضها يجعل _ فى تقديرى وهو أمر طبعا غير ملزم لأحد_ يجعل الأمر أكثر جمالا واتساقا، فعلى سبيلا المثال فى القصيدة الأولى " غيتى زرع الكلام": مشتاق لزرعه / تخضر الملكوت/ تحيى قلوب بتموت/ تطرح أمل جوه الضمير/
سنجد أن الشاعر وصل بنا إلى أعلى آفاق التعبير فى قوله" تخضر الملكوت" ثم هبط بنا إلى التعبير الذهنى " تطرح أمل جوه الضمير" بل وصل بنا إلى تعبير “ وأشوف الوف متحزمة بورد الوصال "بما ينطوى عليه من صياغة ذهنية فضلا عن مجانية التعبير الذى أصبح مبتذلا بكلمة " الوصال"   والعبارة كلها فى تقديرى ينبغى حذفها: وقد أعدت ترتيب الأسطر كالتالى:مشتاق لزرعة تطرح أمل جوه الضمير / تحيى قلوب بتموت/ وتخضر الملكوت/ وبهذا يكون التعبير متصاعدا لأنه بعد أن يخضر الكون لا معنى إطلاقا يمكن إضافته “ بورد الوصال"
على أن المقطع التالى من القصيدة بالغ الجمال فى دعوته للرفض وللمقاومة، يقول الشاعر:
أوعاك تنام/ أوعاك تتوه/ أوعاك تقول إن الطريق مليان سدود/ فيه ألف ضحكة بتتولد وقت الغروب/، ولكننا سنلاحظ أن السطور التى جاءت بعد هذا المقطع لم يضف لتأكيد فعل المقاومة بنفس القدر الذى تحدثنا عنه وهذا يذكرنا بالقول " إن الإبداع هو القدرة على الحذف"، لكننا نعود للشعر حين نطالع عبارة " فى الليل أنا واخد ميعاد م الليل" وتستمر المفردات الدالة على حب الحياة والتحقق/ ارمى ف حضنه همومى/ نسمة شذى/ فتفوق عيونى / واتوه فى أوراد التقى / لكننا سننزعج حين يفاجئنا الشاعر بقوله/-:- أشوف فراغ جوه المرايا يشبه لصورتى / فابعتله بصة سخرية/ وهى صورة رائعة من الناحية الشكلية لكن مضمونها يتناقض مع الرغبة فى الحياة والتحقق لما تنطوى عليه " السخرية " من روح الانتقام من الذات القديمة. وبعدها فى نفس القصيدة يقول / مع كل حلم أنا بوئده تحبل مشاعرى أحلام كتير/ وهى صورة مقاومة على غرابتها ولكن كان من الأفضل أن يستبدل"بوئده" بكلمة " بيوأد وه" لكى نفهم أن الوأد مفروض من الخارج بينما الذات تقاوم بإنتاج الأحلام وفى نفس القصيدة يقول الشاعر:- واشرب من النشوى كاسات وأعيش حزين /وهى صورة تتسق مع حال من يشرب الخمر هربا من الهموم فتزداد همومه لكن تعبير عمال بيشكى ويشتكى هو تعبير إيقاعي إذ ما هو الفرق بين يشكى ويشتكى؟ أو ما المعنى الذى أضافته كلمة " يشتكى" ؟
 أما قصيدة " وطن" وهى القصيدة الثانية فهى من القصائد الجيدة بما حوت من رؤية لأحلام الفقراء الجوعى من الشباب والصبايا والفلاحين والعمال الباحثين عن عمل وبما حوته من معنى تقدمى للوطن يتجاوز الغنائية إلى البحث عن خارطة الوطن فى أوجاع المواطنين،  ومن أجواء القصيدة: /أحلام كتير / حبة بطون / مش قادرة تشبع م الوعود/ ثم يقول /حبة شباب / تقدر تجمع حلمهم ف رغيف شقا/ متعشمين فى ربع فرصة تلمهم/ ويستمر الشاعر فى خطه المتصاعد مجملا الأوجاع العامة التى تشكل وطنا من الأوجاع فى النهاية/عمال بينزف كل يوم( أى الوطن) تشخيصه مدمن للنزيف( أى تحول المرض من مجرد عارض إلى ملمح لا ينفصل عن الوطن) // والبحث جارى عن فصيلة تعوض الحلم اللى راح لكن خسارة/ مليون خسارة/ دم الوطن ما لهوش فصيلة!  ، وهى نهاية تتسق مع المقدمات التى بنى عليه قصيدته وإن كان بعضنا سيرد أن دم الوطن له فصيلة تتكون من خلط جميع فصائل أبنائه من مسلمين وأقباط أو إسلاميين وليبراليين أو ما يعن للشعراء وللمفكرين من تفسير.
فى الحقيقة يمتلىء الديوان بقصائد جديرة بالاحتفاء مثل " وش الكبت" وقصيدة "اللى داير بالحياة" وهما تحضان على المقاومة وقصيدة " هيكل عظمى" وهى محاولة لدفع الإنسان لاستكناه معنى وجوده قبل أن يفقده بفقدان أهمية الزمن وقصيدة " بيمد لسان الغيظ" التى تتحدث عن علاقة الأجل بالأمل، كما يحتوى على قصائد أخرى جديرة بإعادة النظر من قبل الشاعر _ وربما أكون مخطئا _ ففى قصيدة “ حياة ع الريحة'“ جاءت عبارة " وأنا كاره أحلم متناقضة مع متن القصيدة، وفى قصيدة "بلاقيك إنسان" وهى قصيدة جيدة إن حذفنا السطر الأول الذى لا معنى له وإن غيرنا صيغة " المتكلم" فى " ألاقيك إنسان" إلى تلاقيك إنسان" ومصدر جدة القصيدة هى أنها تتحدث عن المقاومة حتى بعد الموت، أما قصيدة "هتوه من الدنيا بحالها " فأعترف بعجزى عن إدراك المعنى الذى ربما يتناص مع حدوته شعبية لا أعرفها فضلا عن بعض مشاكل فى الصياغة مثل" حلمتك" التى أراد بها "حلمت بيكى" فى قصيدة " ريح محبة" وهذه المشاكل موجودة فى بعض القصائد الأخرى،  وأكرر أنه ربما لا أكون على صواب إذ أن ارتباط شعر العامية بالتراث الشفاهى يجعل من تقييمه بالقراءة فقط و بعيدا عن الاستماع له من الشاعر نفسه ظلما للشعر وللشاعر.

7-8-2012حزب الدستور........ طموح الجماهير وضعف البدايات



حزب الدستور........ طموح الجماهير  وضعف البدايات
                                                                               بقلم/ سمير الأمير
لا شك أن دعوة الدكتورالبرادعى للتغيير وعودنه بعد أن أنهى عمله فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إضافة إلى كفاح حركة كفاية وحركات المجتمع المدنى مثل 6 إبريل وغيرها، كلها عوامل ساعدت على الانطلاقة الثورية التى شهدها المجتمع المصرى فى الخامس والعشرين من يناير 2011 ولكن هذا لا يعنى بالتأكيد عدم الاعتراف بنضال القوى التقليدية كالناصريين والشيوعيين والإخوان المسلمين وإن كنت أرى أن الإخوان كانوا دائما رديفا للنظام باعتبار تمثيلهم لذات المصالح الطبقية، فضلا عن قضايا الحريات التى شكلت بؤرا لتجمع القطاعات الغاضبة من الشباب كقضية أيمن نور وقضايا حبس الصحفيين والإعلاميين ثم القضية الأهم التى تبلور حولها تيار الغضب العارم وهى اغتيال الشاب خالد سعيد على أيدى رجال المباحث، ولن أضيف جديدا فى سرد أحداث خيبة الأمل التى أودت بدماء الشهداء وأرواح الضحايا على أيدى جناحى البرجوازية العسكرى والدينى اللذين اقتسما السلطة علانية دون أن تحرك الائتلافات الثورية ساكنا لأن معظمها بالقطع كان مبنيا على أسس وضعها هؤلاء الذين جعلوا من الدماء الذكية وقودا تدور به لعبة التفاوض بين جناحى السلطة القديمة المنتميين للرأسمالية الريعية أو لرأسمالية " السمسرة" إن جاز التعبير ويكفى أن شخصا كصفوت حجازى هو " رئيس ما يسمى بمجلس (أمناء) الثورة. فى الحقيقة ينبغى تسميته " مجلس( خيانة) الثورة، المهم أنه بعد الخيبات المتتالية التى منيت بها قوى التغيير بدءا بتولى المجلس العسكرى ثم الاستفتاء المشئوم مرورا بانتخابات المجالس التشريعية التى جرت بسرعة تتسابق الزمن خوفا من تشكل تنظيمات ثورية تأتى بغير الإخوان للسلطة وهو ما يخالف الصفقة التى اتضحت معالمها الرئيسية فيما بعد، ثم الانتخابات الرئاسية التى شهدت تشرزم القوى الثورية وإصرار التحالف الشعبى والتجمع على الإبقاء على مرشحيهم انتقاصا من فرصة " حمدين صباحى" الذى كان قاب قوسين أو أدنى من دخول معركة الإعادة، بعد كل ذلك اكتشفت القوى الداعية للتغيير ضعف أحزابها وأدواتها وظهرت دعوة البرادعى الذى كان قد أعلن فى وقت سابق انسحابه من سباق الرئاسة دون سبب مقنع حقيقة فى تقديرى ودون أن يعى أن من يمشى فى الشارع السياسى المصرى الملىء بالأوحال عليه أن لا يغضب حين تطال ملابسه بعض قاذورات هذا الشارع، ظهرت دعوة البرادعى لإنشاء حزب الدستور الذى يتبنى شعار الثورة الرئيس" عيش.. حرية... عدالة اجتماعية" وسارع الناس من مختلف الاتجاهات والمشارب السياسية لعمل توكيلات باسم الدكتور البرادعى وتم تسليمها لمقرات حملة البرادعى التى تتكون فى معظمها من شباب من المرفهين قليلى الخبرة والمعرفة، إضافة إلى قناعتهم بأن السياسيين المخضرمين من المنضمين للحزب سوف لن يسمحوا لهم بالقيام بدور أو بتولى مناصب قيادية فى الحزب الجديد، فضلا عن كونهم يرفضون ما يطلقون هم أنفسهم عليه بمنتهى السذاجة" الأيدلوجيات القديمة" وكأن الرأسمالية كفت عن تجديد نفسها وكأنهم لا يشاهدون ما تفعله العولمة الشرسة- وهى إحدى أطوار نمو رأس المال- بالشعوب الفقيرة أو كأن الاشتراكية لم تتطور نفسها وتعود بقوة لتشكل حلم شعوب أمريكا اللاتينية والمستضعفين فى بقاع الأرض، ولأن بعض راغبى اعتلاء المنصات من الذين خرجوا من مولد الثورة بلا " حمص" يريدون أن يشكلوا من أنفسهم قيادة للحزب قبل أن تتشكل هيئاته القاعدية ومن ثم هم يتفقون مع الشباب فى ضرورة استبعاد ذوى الخبرات السياسية والعناصر الفاعلة التى تتمتع باستقلالية والتى يمكن أن تعيد صياغة العمل ليعبر عن قواعد الحزب واختيارات أعضائه لأن معظمهم قد تركوا أحزابهم القديمة لعجزهم عن إحداث تغيير نظرا للسيطرة المالية التى تحولت فى تلك الأحزاب إلى رشاوى تقدم للمنتفعين من أجل تكريس الأمر الواقع، وكان قرار تلك القيادات الفكرية والجماهيرية بالانضمام لحزب الدستور الجديد رغبة فى المشاركة فى بناء حزب على أسس علمية واضحة يتم اختيار قياداته بقواعد الديموقراطية بغض النظر عن شهرة ونجومية البعض وبالتالى فقد فشلت فى تقديرى المؤتمرات التأسيسية التى عقدها حزب الدستور لأننا كأعضاء مؤسسين تمت دعوتنا للمؤتمرات مباشرة دون أن نستشار فى جداول الأعمال ( فى الحقيقة لم تكن هناك جداول أعمال واقتصر ت المؤتمرات على إلقاء خطب وشعارات من جانب الشخصيات الشهيرة كجورج إسحق وجميلة إسماعيل ومصطفى الجندى   وكانت كلمات عامة لا علاقة لها بالقواعد التى قرأنا عنها أو شهدناها، فلم يقدم أحد هؤلاء موقفا سياسيا يمكن أن يشكل سببا لوجود هؤلاء المحتشدين معا ولم يقدم أحد مشروعا يمكن اعتباره بداية لبرنامج سياسى لكى يتبناه الأعضاء الذين جاءوا من مختلف المدارس فكان منهم الوفدى والشيوعى والناصرى والسلفى ولم نعدم أيضا وجود ما يطلق عليهم " الفلول" وكل هذا جائز طبعا بشرط وجود الإطار الذى يمثل الحد الأدنى لما يمكن أن يتفق عليه كل هؤلاء الفرقاء الساعين لتأسيس حزب واحد يهدف فيما أعتقد لإنقاذ مصر من السقوط فى الهوة السحيقة للدولة الدينية التى تعدنا بظلام دامس لا نرى النور بعده أبدا وليس فقط بانقطاع التيار الكهربى لبضع ساعات وهو ما يؤدى لاحتدام المعارك العائلية بعد فساد الأطعمة فى الثلاجات، إذ سيصبح الظلام مؤديا لانقطاع النور عن العقول وفساد الأدمغة وتحويل البشر إلى قطعان تأكل بعضها البعض بسب اختلاف الأديان أو اختلاف المذاهب داخل الدين الواحد، من هنا كان على أصحاب الطريق الثالث أو التيار الشعبى أو حزب الدستور أو كل هؤلاء معا أن ينتهجوا أسلوبا مطمئنا يشى بأنهم لا يعيدون إنتاج الخيبة بالتمركز حول ذواتهم التى نعترف بشرف مقاصدها ولكننا لا نغض الطرف عن تضخمها وقد راعنى أن تهتف السيدة جميلة إسماعيل بهتاف يحتوى على اسمها وهى تلقى كلمتها فى المؤتمر الذى عقد فى أفخم فنادق المنصورة بينما تقول هى " أن حزب الدستور هو حزب الفلاح!!، كما راعنى رفضهم لمقترح قدمه أحد الحضور بأن تعتبر اللجنة القيادية القاهرية التى نصبت نفسها كقيادة مؤقتة للحزب تعتبر نفسها منحلة وأن نشرع فى انتخاب عضوين أو أكثر من كل محافظة لقيادة العمل فى المرحلة التأسيسية وهو الاقتراح الذى تجاهلتة المنصة تماما وهذا يشى فى تقديرى بأن الخيبة تعيد إنتاج نفسها فى الأحزاب المصرية ولكن يبقى أن أقول أننى أتمنى أن يستمع هؤلاء إلى صوت العقل والضمير وأن يشرعوا فى عقد مؤتمرات تأسيسية حقيقية يصبح فيها المؤتمرون مقترحين وفاعلين وليسوا مجرد جماهير تصفق لرموز سياسية مختلفة المشارب يلقون الخطب والشعارات ولا يقدمون جديدا لدفع الواقع قدما

الأربعاء، مايو ٢٧، ٢٠٢٠

19-1-2010 الواقع السياسى المصرى وإعادة إنتاج التخلف



 الواقع السياسى المصرى وإعادة إنتاج التخلف
                                                                 بقلم/ سمير الأمير


لعل أخطر ما يلاحظه المتأمل للواقع السياسى المصرى فى تجلياته الحالية و فى خطاباته التى تبدو متعارضة ( ظاهريا فقط)، أخطر ما يكتنف هذا الواقع هو سيادة سمات الركود والجمود وانعزال النخب عن الجماهير العادية وكذا انعزالها عن بعضها البعض وعجزها عن خلق تصورات مشتركة وحدود للتعامل يحترمها الجميع يسارا ويمينا تمهيدا للاتفاق على خطوة تخرجنا من تلك الحالة التى أدت إلى انسداد كل آفاق التغيير وشكلت ظرفا مواتيا لانتشار الفساد ولانحطاط التفكير، ويتصور البعض أن انتشار حالات الاحتجاج الفئوية والوقفات الاحتجاجية – وهى طبعا ظاهرة ايجابية- هى مسألة كافية لإحداث تغيير نوعى فى الحياة السياسية المصرية بل يذهب بعض المراهقين إلى تصور أن التغيير الشامل على وشك المجىء فقط لأن أذنيه قد التهبت بسبب ما سمعته من هتافات مدوية على سلالم نقابتى المحامين والصحفيين، وحتى لا يبدو أننى ألعب دور الحكماء والمحايدين الذين يكتبون المقالات فى الغرف المكيفة آخذين طريقا ثالثا بين النظام ومعارضيه ومتوخين الحذر تجنبا لغضب النظام الذى قد يصل للحرمان من الرزق ولغضب المعارضة التى لا تكف عن اتهام منتقديها بالخيانة إلا عندما تشرع فى اتهام نفسها بنفس التهمة وقد سمعنا ورأينا ذلك مرات ومرات بين الإخوان واليسار وبين الجمعية الوطنية للتغيير وحركة كفاية من جانب وبين الجمعية الوطنية للتغيير والأحزاب التى تتهم الجمعية بتجاوزها وتتهمها الجمعية بالارتماء فى أحضان النظام وبعقد صفقات معه لتزوير الانتخابات و إرادة الجماهير - وكما أسلفت لا أريد أن ألعب هذا الدور المحايد الذى يساوى بين الأحزاب المحاصرة داخل مقراتها وبين الحزب الذى يمتلك الإعلام ويسخر كل إمكانيات الدولة لصالحه أو بين رجال الأعمال بالغى الثراء وجماهير الفقراء بالغى البؤس   فهذا لا يليق بى ولا بالمدرسة الفكرية التى انتميت إليها والتى لا رغبة عندى فى التخلى عنها و هى مدرسة اليسار المصرى بمعناه العام،  ولكن ذات المدرسة علمتنى ألا أستقى أفكارى من سياق الخطابات السياسية سواء تلك الصادرة عن الحكومات أو تلك التى تدبج بيانات المعارضة، فلا يخفى على أحد أن الإعلام الرسمى وكلام المسؤلين ملىء بالكلام عن العدل والحرية والديموقراطية وهى نفس المفردات التى نجدها عند ما اصطلح تجاوزا على تسميتهم بالمعارضين فما الذى يجعلنا إذن نصدق طائفة ونكذب الأخرى،  إن الممارسات فى الواقع هى المعيار الوحيد للحكم على كل تلك الكلمات البراقة عند الطرفين (الحكومة والمعارضة) و يبدو حتى الآن أنهما لم يتفقا على شىء قدر اتفاقهما على خداع واستهبال الجماهير، وهو الأمر الذى يؤخر تطورنا الديموقراطى لكونه يدعم عزوف الناس عن المشاركة ويشيع الإحباط العام الناجم عن انعدام ثقة المواطن فى الحكومة والمعارضة على حد سواء فهما فى نظر الناس ( بتوع كلام)، وقد يكون خداع الناس هو الهم الرئيس للحكومات التى انتهت صلاحيتها لأن استمرارها مرهون بحالة اللاوعى وبقدرتها على السيطرة على الاحتجاجات الفئوية وحصارها فى المطالب التى تنحصر فى الحصول على علاوة إضافية أو حتى مجرد صرف الأجور المتأخرة، أما دور المعارضة فهو بحق الجدير بالتأمل فهى لا تكف عن الصراخ والشكوى من تحجيم دورها وحصارها فى المقرات الحزبية وتتهم السلطات بتزوير الانتخابات ثم تشارك فيها بحماس غريب وهى تعلم نتيجتها مسبقا!! ، بل لا ترفض أن يتم اختيار بعض قادتها للتعيين فى مجلسى الشعب والشورى لكى تكتمل شكلانية الصورة الديموقراطية ولا أبالغ حين أقول أننى شاهدت بنفسى عمليات تزوير تتم لصالح رموز من المعارضة بما فيها الحزب الذى كنت أنتمى إليه قبل أن أستقيل منه بسبب تعاطيه مع ديموقراطية المحاصصة الطائفية فى العراق وامتداحها على صفحات جريدته رغم كونه يدعى أنه من أنصار العروبة والوحدة والتقدم وبعد ذلك تلقى المعارضة باللوم على الحكومة التى تمنعها من الالتقاء بالجماهير دون الاعتراف بأن عزوف الجماهير عنها ليس إلا تعبيرا عن فقدان الثقة فى قيادات قبلت أن تكون جزءا من لعبة الديموقراطية المزيفة، بل يرصد الناس العاديون أدلة كثيرة على ارتباط المصالح الاقتصادية لبعض رموز المعارضة من أصحاب المصالح والشركات بالنظام السياسى القائم ومن ثم تصبح المشاركة والتعاطى مع ما تطرحه الحكومات تعبيرا عن ارتباط مصيرى وليست مثيرة للدهشة كما يتوهم السذج، من هنا بدا ظهور حركة كحركة كفاية ضرورة موضوعية للخروج من هذا المأزق الذى جعل كل من الحكومة والمعارضة الرسمية تكوينا واحدا أو وجهين لعملة واحدة، ولكن الذى حدث أن كفاية اتخذت نفس المسار الذى أدى إلى انهيار التجربة الحزبية المصرية وفى تقديرى أن الحركة كان يجب أن تكتفى بدورها كعامل منشط فى الحياة السياسية المصرية الأمر الذى كان يجب أن يدفعها لأن تسعى لجذب الأحزاب ناحية برامجها الأساسية ومن ثم تدفع أعضاءها الهاربين من أحزابهم إلى العودة وممارسة نضالا داخل الإحزاب تمهيدا لاستعادتها كأدوات للتغيير الديموقراطى ولكن الذى حدث أن حركة كفاية أصبحت خصما من قوة الأحزاب السياسية بينما كان ينبغى أن تكون داعمة لها فى مواجهة سياسة الاحتواء الذى تقوم به الحكومة بالاتفاق مع قيادات تلك الأحزاب، أى كان يجب إحداث تغيير داخل الأحزاب نفسها لكى تصبح قادرة على التأثير فى المجتمع فيما بعد، ولكن الحركة التى أعلنت عن كونها مستقلة عن الحياة الحزبية وأعلنت عن فردية الانضمام إليها أراحت القيادات الحزبية لأنها خلصتها من الناشطين الذين كانوا يخوضون صراعا داخل أحزابهم ضد خط القيادة التى تتعاطى مع الصفقات الانتخابية ومن ثم ساهمت الحركة دون أن تقصد فى دفع الأحزاب للارتماء فى أحضان النظام السياسى أكثر وأكثر, و أخرت من إمكانيات النهوض فعملت ضد أهدافها الأساسية وانتهى أمرها بدفع بعض أعضاءها المتمردين على أحزابهم إلى خوض الانتخابات النيابية تماما كما لو كانت حزبا سياسيا ففقدت الحركة بريقها الجماهيرى وخبا صوتها ولم يعد إلا عندما أعلن الدكتور البرادعى عن نيته للترشح لرئاسة الجمهورية فالتفت الحركة حوله دون أن تعى أن هذا يعنى اعترافها بعدم وجود شخصية من أعضائها قادرة على خوض غمار التغيير ولم يدرك أحد أن ما يحدث ينافى المنطق تماما فالبرادعى هو الذى كان يجب عليه أن ينضم للحركة السياسية المصرية ويخوض نضالا معها من أجل تغيير الدستور ولكن الواقع يقول أن العكس هو الذى حدث وكأن النخبة عجزت عن تأسيس قواعد تقدمية لتطوير الواقع السياسى المتخلف الذى يشخصن الكفاح السياسى للشعوب ويركز على وهم وأسطورة المُخلص، والحقيقة أننى لا أستطيع أن أفهم لماذا لا يعترف شخص مثل الدكتور البرادعى بأنه هو الذى كان يجب أن ينضم لحركة التغيير الديموقراطى تحت قيادة من قضوا جل عمرهم فى أتون تلك الحركة، أليس ذلك أقرب للعلم وللمنطق ولا مانع طبعا بعد ذلك من أن ترشحه الحركة لانتخابات الرئاسة، أظن أن الأمر هنا ينطوى على حقيقة يجب الاعتراف بها وهى أننا نعيد إنتاج التخلف بحماس شديد دون أن ننتبه إلى خطورة ما نفعله، ليس معنى ذلك أبدا الانتقاص من قدر الشخصيات البارزة كالبرادعى والدكتور محمد غنيم ولكن الأول قضى العقدين السابقين وهو ملء السمع والبصر على المستوى الدولى ولا يضيره أبدا أن يعود إلى مصر كمواطن عادى وينضم إلى صفوف الذين لم يتوقفوا عن النضال من أجل الحرية والتقدم ويتعلم منهم بقدر من التواضع واحترام الخبرة، والثانى أقصد" الدكتور غنيم " هو عالم وطبيب قدم خدمات غير مسبوقة للمصريين الفقراء فى مركز الكلى والمسالك الذى سيظل يحمل اسمه لأجيال قادمه ولا يضيره أيضا أن يتعلم العمل السياسى على أيدى الكوادر السياسية فى الأحزاب المصرية أو فى حركات المجتمع المدنى المستقلة ومن ثم نشعر أن انضمام هؤلاء العلماء إلى الشأن العام يمكن أن يطور الواقع السياسى ويحفز الجماهير السلبية المحبة لهم على المشاركة فى حركة التغيير، أما أن تصبح مصر بديلا لهيئة الطاقة الذرية أو لمركز الكلى والمسالك فهذا لا يعدو كونه إعادة إنتاج للتخلف وهو مالا يرضى طموحات الشعب المصرى ومن المؤكد أيضا أنه لا يرضى الدكتور غنيم ولا الدكتور محمد البرادعى.

الثلاثاء، مايو ٢٦، ٢٠٢٠

12-6-2008 قتل الأبناء.... قتل المستقبل



 قتل الأبناء.... قتل المستقبل
                                                                  بقلم/ سمير الأمير
لا  يجد المصريون الفقراء عملا بأجر يكفى ليقم الأود ولا سكنا صحيا ولا مستشفيات للعلاج ولا تعليما مجانيا حقيقيا والنتيجة أن  طاقة العنف  تفشل فى التعرف على العدو الحقيقى فتتجه إلى الذات، فشل فى الحاضر وخوف من المجهول يدفع الآباء لقتل المستقبل- قتل الأبناء، ثم نرتعب مما يحدث! كأننا كنا ننتظر شيئاً آخرا بعد أن عرضنا الأرض والعرض والكرامة فى سوق النظام العالمى الجديد، بعد أن غادرنا ملامحنا وارتدينا المفاهيم الجديدة للاستهلاك وانتشر الدعاة المدعون ذوى اللحى والأجسام الضخمة وعاملتنا الدولة كأننا عالة عليها، بعد أن نهبنا رجال البيزنس وتجار الفساد وبعد أن انهارت كل قيم العدالة وتم قتل الطموح لأن كل الأماكن محجوزة سلفا للطبقة الجديدة التى سيطرت على الرأس والجسد والأطراف وحاصرتنا فى طوابير الخبز وأحلام الرحيل التى عادة ما تنتهى بغرق شرعى بسبب السفن المملوكة لرجال السلطة أو غرق غير شرعى قبالة سواحل أرض الأحلام، لم لا نقتل أولادنا "من إملاق" و"خشية إملاق" مادمنا نفقد إيماننا بالله ونساعد جلادينا على الاستقرار والاستمرار لكى يعبروا هم لمستقبلهم على أجساد الفقراء الذين حرروا الوطن بدمائهم وعادوا من الحرب ليجدوا السادة يسدون عليهم كل سبل الحياة فرحلوا إلى بلاد كانت ترمقهم بنظرات الحسد ليعملوا فى أحط المهن ويتحملوا أقصى درجات الذل والجوع ليصنعوا ثروات جديدة لوطن يسرق كل يوم، وعندما عادوا لم يجدوا شيئا فى البنوك التى أقرضت أموالهم لرجال العهد الجديد فهربوها للخارج  ولم يكتفوا فأمعنوا فى بيع المصانع وإهانة البنات والأولاد فى مظاهرات الاعتراض والتنشين عليهم بالرصاص الحى فى البلكونات وتزوير الانتخابات جهاراً نهاراً وطرد الفلاحين من أراضى سلمها لهم رئيس جمهورية حدث أنه خرج عن السياق وأحب الفقراء وأحب أبناءهم فصنع معهم حلماً جميلاً يجدون أنفسهم اليوم متهمين به، يدفعون ثمنه للمرة الثانية بعد أن دفعوه فى دنشواى وبورسعيد وصحراء سيناء؟ ألم يمت عبد العاطى البطل المصرى صائد الدبابات مريضاً بتليف الكبد وتضخم الطحال دون أن تهتز للذين ورثوا انتصاراتنا قصبة؟ ألم ينتحر الشاب المصرى المتميز عبد الحميد شتا بعد أن نجح فى اختبارات وزارة الخارجية ثم استبعد من التعيين لأنه " غير لائق اجتماعيا" لكونه ابن فلاح فقير؟ ألم تمر السفن الأمريكية بقناة السويس لكى تقتل العراقيين؟ ألم نشارك عدونا فى حصار الشعب العربى الفلسطينى فى غزة؟ ما الذى يدهشكم إذن حين يقتل أب عشوائى أبناء عشوائيين يعيشون فى مدن عشوائية و لا يجدون  طعاماً ( حتى عشوائيا) ؟ الآن فقط لم يبقى سوى نداء وحيد (فلنوقف تلك الحياة المهزلة فلنتمرد على خنوعنا وعلى هؤلاء اللصوص  الذين يدفعون الشباب للغرق فى المياه الدولية ويدفعون الآباء لقتل أبنائهم أو فلنصمت للأبد بعد أن ندفن مستقبلنا بأيادينا الخائفة المرتعشة)

26-6-2009" المسايرة" و تخلف النظام التعليمى



" المسايرة" و تخلف النظام التعليمى
                                                                                  بقلم/ سمير الأمير
فى صيف 1998 أرسلتنى وزارة التربية والتعليم ضمن بعثة المعلمين المصريين للمملكة المتحدة، و كان برنامج البعثة ينقسم إلى شقين: الأول هو تلقى تدريب نظرى فى جامعة ادنبره للوقوف على أحدث طرق تدريس اللغة الإنجليزية، والشق الثانى قضاء ما يقارب شهرا كاملا فى المدارس الاسكتلندية لمشاهدة كيف تطبق تلك النظريات التربوية فى الواقع العملى وهنا شعرت بالحسرة على أولادنا ومعلمينا، ليس بسبب الصدمة الحضارية التى حذرونا منها ومن تأثيراتها المحبطة علينا قبل سفرنا ولكن لأنى فوجئت حين زرت المدارس الاسكتلاندية أن أبناءنا ومعلمينا أكثر ذكاء وخبرة, ولعل تلك البعثة مكنتنى أيضاً من إدراك بعض الأسباب الحقيقية لفشل برامجنا التعليمية وأهمها أن النظام system   هناك يسمح للطفل متدنى الذكاء بالوصول إلى نتائج أكثر أهمية لنضجه ونموه مما تسمح به النظم التعليمية فى أوطاننا السعيدة للطفل بالغ الذكاء، ولا يحتاج الأمر للشرح فالطفل هناك يتم مساعدته على الوصول بإمكانياته إلى أقصى مدى يمكن الوصول أليه، وكذا يسمح النظام هناك للمعلمين بإبداء الرأى في الموضوعات التى يدرسونها وبانتقاد السياسات التعليمية،  أما هنا فيصبح الذكاء تهمة قد تؤدى بالطفل العربى الذكى إلى الشعور بالعزلة وعدم القدرة على التكيف مع نظم تشبه خطوط السكك الحديدية من حيث صرامتها غير المبررة، فاختباراتها التى تحدد مصائر الطلاب لا تقيس سوى القدرة على الاستظهار دون مناقشة أو نقد، وقد يؤدى انتقاد المدرس لمديره أو لموجهه إلى نقله لمجرد أن يكتب المدير فى تقريره كلمة " غير متعاون" التى لا تعنى سوى أن المدرس متميز ومحترم ويريد أن يتفاعل ويتعاون مع النظام التعليمى ويطوره وقد كان الزملاء الدارسون فى البعثة خير مثال لنتائج نظمنا التعليمية فقد أزعجهم اعتراضى على بعض برامج التدريب وقالوا لى " لو سمحت اسكت لأنك حتودينا فى داهية" وعندما استفسرت عن ماهية تلك الداهية ونحن فى بلاد الحرية التى تقل فيها نسبة " المصائب" والدواهى بدرجة ملحوظة، أخبرونى أن إدارة جامعة ادنبره يمكن أن تخبر الملحق الثقافى بما يثيره الطلاب المصريون من انتقاد لبرامج التدريب ومن ثم نحاسب عند عودتنا للقاهرة وبلغ الأمر ذروته حين جاءوا لنا بأستاذ يهودى يتحدث العربية بطلاقة لكونه عاش فى بيروت مدة طويلة وبدلا من أن يحدثنا فى التربية ونظريات التعلم راح يتطاول على الزعيم جمال عبد الناصر معتبرا وجودنا فى بريطانيا لتلقى العلم أحد نتائج انتهاء حالة العداء بين مصر والغرب التى تسبب فيها ناصر " بغبائه "( بحسب وصفه) وهنا لم استطع أن أتحمل وصف البروفيسير اليهودى لناصر بالغباء فوقفت معترضا ومحدثا زملائى بالعربية طالبا منهم مغادرة القاعة ومن حسن حظى أن اغلبهم كانوا من صعيد مصر فاستثرت فيهم نخوة الصعيد مذكرهم أن " ناصر صعيدى مثلهم" فخرجوا معى ورفعت صوتى فى ردهات الجامعة مدعيا أنى سأكتب تقريرا لوزير التعليم المصرى عن تطاول البروفيسير اليهودى على رمز عظيم من رموز مصر العظيمة، وطبعا كنت أكذب لأنى لا اعرف الوزير ولا أعرف كيف اكتب له تقريرا، ولكن تهديدى أصاب المنسقة " روث ريد" المسئولة عن الطلاب المصريين بالرعب لأنها كانت تخشى أن تفقد وظيفتها إن توقف البرنامج الذى كانت مصر تموله وحاول البروفيسور الاعتذار ولكننا اكتشفنا أن محاضرته لم تكن جزءا من البرنامج المتفق عليه مع مصر وأن غضبنا كشف لنا أن هناك من ينتظر مبعوثينا ببرامج أخرى تخص إسرائيل، وبعدها جاء الملحق الثقافى المصرى أو ربما كان أحد ممثلى الملحقية فشكى له أحد الزملاء من طريقتى لكى يبرأ نفسه منها و أخبره بأنى يسارى وكثير الاعتراض فأخبرته بما حدث ففوجئت بأن الرجل يطالبهم باليقظة ويشيد بما فعلته وينتقد زميلى عضو الحزب الوطنى ويقول له بالحرف الواحد " أن الطلاب والمبعوثين المصريين يتم استهدافهم واستهداف عقولهم وأن ما فعله زميلكم يستحق التحية وعليكم ألا تتعاملوا مع بعضكم كيساريين أو يمينيين ولكن كمصريين، بل ذهب إلى القول" أن دفاعكم وشرحكم للقضية الفلسطينية لزملائكم البريطانيين هو واجب عليكم كعرب، وهنا شعرت بالعزة وشعرت بعظمة الخارجية المصرية كمؤسسة وطنية وعربية لم تجعلها معاهدة السلام تغمض عينيها عن المخاطر التى تستهدف عقول مبعوثينا، وطبعا تغيرت معاملة الزملاء وأصبحوا أكثر قربا منى، ليس اقتناعا بأفكارى ولكن لحصولهم على تصريح رسمى من الملحق الثقافى أو ممثله( لم أشغل بالى بالأمر حينها) بأنى مصرى ووطنى مثلهم تماما و أن ما فعلته يلقى دعما من السفارة التى لم يكن يرد ذكرها فى حديثهم سوى عندما يقولون " السفارة ممكن ترحلنا مصر " وفى ظنى أنه لو كانت جاءتهم تعليمات أخرى بعدم التحدث معى ومقاطعتى لفعلوها وتلك هى الكارثة!! و انتهت البعثة بحصولى على المركز الأول وبإشادة عميد معهد مورى هاوس للتربيةMoray House بالمدرس المصري الذى انتقد برامج التدريس للطلاب الأجانب ومن ثم ساهم فى تطويرها بمقترحاته ومنحت خطاب خاص يسمى " commendation" قالوا لى هناك أنه يجب أن أسلمه لوزارة التربية فى مصر،   بالإضافة إلى شهادة تشيد  بأدائى  كمعلم لغة انجليزية وعندما عدت إلى مصر  بالخطاب الذى جاء فيه أنى كنت ممثلا ممتازا لمهنة التدريس المصرية وللشعب المصرى وجدت معمل اللغات الذى كنت أشرف عليه يسند لمدرسة استطاعت الحصول على واسطة ولم استطع دخول المعمل حتى الآن واضطررت للهرب للقطاع الخاص تاركا مدرستى الحكومية التى قضيت فيها ربع قرن ولكنى احتفظ بشهادة التفوق الاسكتلندية كدليل فقط أمام زوجتى وأبنائى على أنى قد أكون مدرسا صالحا ولكن فى سياق نظام تعليمى آخر يحتفى بمن يكتشف عيوبه من أجل إصلاحها،  وللحقيقة أيضا فقد استخدمت تلك الشهادة للدفاع عن نفسى أمام انتقادات الأهل الذين انتظرونى فى المطار فوجدونى أحمل كراتين الكتب،   وحين لمحت فى أعينهم الاستغراب ، أخرجت خطاب الجدارة وقلت لهم لم يحصل على هذا الخطاب سوى واحد فقط من كل تخصص ، ولكن ما فعلته لم يفلح سوى فى تحويل نظرات الاستغراب إلى نظرات شفقة لم تدم طويلا إذ سرعان ما أصبحت موضوعاًً لنكاتهم وسخريتهم   و قبل أن يصيبنى الإحباط تذكرت مطار إدنبره و  " موراج بلاك" المسئولة الإدارية عن المتدربين المصريين وهى تنظر لزملائى المسافرين إلى مصر بينما يجرون أحمالهم من الملابس والأحذية والأجهزة الكهربائية المستعملة وكل ما وجدوه رخيصا فى " إدنبره"، ثم تنظر موراج إلى المدرس شاعر العامية النحيف فلا تجد معه سو ى الكتب فتقول بالإنجليزية" You are an angel, Mr. Samir"" فأبتسم طبعاً لكونى أعرف أننى كنت الشيطان الوحيد بين مدرسين موهوبين ولكن النظام التعليمى شوهم وحولهم إلى مجرد موظفين ينتظرون صدور التعليمات!    k Hk kjhz[ H, lov[hj hgjugdl uk]il u/dlmHhHHHHh

11-8-2008حول لامركزية التعليم



حول لامركزية التعليم
                                                       بقلم/ سمير الأمير

لا أعرف على أي شيء يستند هؤلاء الذين يسعون إلى تطوير التعليم عبر اعتماد ما يسمى باللامركزية كبديل سحرى للقضاء على مشكلات العملية التعليمية المزمنة مثل تفشى ظاهرة الدروس الخصوصية التى أصبحت بديلاً للمدارس فى ظل ارتفاع الحد الأدنى للمجاميع المؤهلة لدخول الجامعات وفى ظل نظام التقييم الذى يعتمد اعتماداً شبه كلى على الامتحانات العامة التى لا تقيس سوى القدرة على الاستظهار أو القدرة على الغش
يتناسى هؤلاء أن السبب الرئيسى وراء انهيار النظام التعليمى يكمن فى تلك اللامركزية التى أطلقت يد القيادات المحلية التنفيذية لتحول المدارس إلى ساحات لإظهار النفوذ المحلى من خلال اختيار إدارات مدرسية ليس لديها أدنى تصورات عن أهداف التعليم وبرامجه، لقد وصل الأمر إلى درجة غاية فى الخطورة عندما تم تضخيم دور مجالس الأمناء على حساب النظرة الفنية والموضوعية لعملية التعليم برمتها وجرنا ذلك للحديث عن محلية مصادر التمويل الأمر الذى أدى لظهور مفهوم المدارس المنتجة فتحولت المقاصف إلى بقالات داخل المدارس يغيب عنها البعد التربوى ولا تهدف سوى لتحقيق العائد الاقتصادى الذى ضاع هو الآخر نتيجة استفادة المشرفين على هذا المشروع من أنماط الفساد المتحورة والغير قابلة للإدانة والفضح فالبضائع الموجودة بالمقاصف لا تدرج كلها بالكشوف ولكن يتم إدراج جزء صغير والباقى يتم بيعه لحساب الأشخاص القائمين على العملية بعلم المدراء الذين يحصلون على نصيبهم من الكعكة وهم جلوس فى مكاتبهم ولذا ظهر اللب والسودانى والبيتزا فى المقاصف ووحدات المدرسة المنتجة وحدث ولا حرج طالما أصبح الربح يحكم هذا القطاع الخدمى التربوى الذى كان ينبغى له أن يظل مستقلاً بدرجة عن الأمراض الاجتماعية والمشاكل الاقتصادية التى اعترت الحياة فى مصر فى السنوات الأخيرة فبادرت بعض المدارس بتأجير صالات الألعاب والملاعب للمدربين ولمدارس الكرة الخاصة مما أدى إلى حرمان التلميذ من ممارسة النشاط فى مدرسته،
   إن إطلاق يد الإدارات المدرسية ومجالس الأمناء سيؤدى إلى عكس المرجو تماماً فقد يتم نقل المدرسين وانتدابهم طبقاً لمعايير أخرى قد تغيب عنها معايير الكفاءة ومصلحة التلاميذ فكلنا يعلم أن بعض القيادات السياسية تستخدم سلطتها فى نقل المحاسيب للمدارس التى يطلبونها تحقيقاً لوعود انتخابية وفى إطار ما يعرف بالرشاوى الانتخابية وفى تقديرى أن المعلم كالقاضي لا ينبغى أن يكون عرضة لضغوط خارج العملية التعليمية بل أنى أطالب أن يعهد بتقييم أداء المعلم للجان مركزية محايدة لا تضم غير الأكاديميين والتربويين المشهود لهم من قبل الجميع والذين يتمتعون بثقة واحترام المجتمع المصرى كشخصيات عامة لا يختلف عليها ولا أقول ذلك حرصاً على مصالحى كمعلم ولكن لإيماني بأن للمجتمع المصرى أهدافاً عامة لا يمكن تركها للمحليات التى لا يمكن أن تتسع رؤيتها لتشمل المصالح العليا للوطن ولكنها قد تنشغل بتحقيق أهداف آنية وسياسية محلية تؤدى إلى تفكيك الهدف العام الأسمى وهو خلق جيل يفكر لمصر كلها ولا يتجاهل البيئة المحلية ولكن فى الإطار الأشمل والأعم والأهم،
إن دخول الإنترنت إلى المدارس قد أدى إلى اتساع مجالات الرؤية وأصبح العالم قرية كونية صغيرة وأصبح التلميذ فى المنصورة، عبر الفيديو كونفرنس الذى يرجع الفضل فيه لوزير التعليم الأسبق الدكتور بهاء الدين، أصبح هذا التلميذ قادراً على الاستماع لشرح درس فى الفيزياء مثلاً لمدرس يعمل بمدارس القاهرة أو الإسكندرية
 إننى طبعاً أتفهم حاجتنا إلى اللامركزية بالمعنى الذى يخدم الأهداف المركزية العامة للدولة المصرية مثل المبادرات الفردية والجماعية لبناء المدارس والتبرع بشراء المعدات الحديثة اللازمة لتطوير المعامل والملاعب والقاعات وأيضاً فتح المدارس أمام المتطوعين الراغبين فى خدمة التعليم مجاناً أو تعاون المدارس مع المكتبات العامة والجامعات الإقليمية فى التدريب وتطوير الأداء التربوى،
أما ما لا يمكن قبوله من وجهة نظرى هو محاولة إخضاع المدارس لسيطرة القيادات المحلية السياسية أو التدخل لتعديل نتائج الامتحانات العامة كما كنا نسمع وأرجو أن يكون ذلك غير صحيح لأن البعض كان يقول مثلاً لقد تأخرت نتيجة الإعدادية لأن المحافظ فى إقليم ما يرفض النسبة العامة ويطالب برفعها،
إن الأمثلة على عدم موضوعية وحياد القيادات المحلية كثيرة ولا يعنى ذلك أن المحليات تفتقر إلى الشخصيات العامة المحترمة والمشهود لها بالكفاءة حتى على المستوى الدولى ولكن ربما تكون تلك الشخصيات بعيدة عن متخذى القرارات وربما أيضاً تكون شخصيات لا تسعى للموائمة وإخضاع العلمى والتربوى للسياسى والآنى مما يجعل الاستفادة منها أمراً مشكوك فيه ويرجع للمبادرات الشخصية ولطبيعة القيادات المحلية فى كل إقليم من أقاليم مصر،
 الخلاصة فى تقديرى أنه إذا كنا مصرين على إعطاء المجتمع المدنى والقيادات المحلية دوراً فى المرحلة القادمة فعلينا أن ندرس التجربة اليابانية فى هذا المجال، إذ استطاع اليابانيون تحقيق قدراً لا بأس به من اللامركزية ولكن فى الإطار الذى يخدم مركزية الأهداف التعليمية فى اليابان وكان عليهم فى البداية أن يقوموا بإصلاحات كبيرة بعد الهزيمة فى 1945 وقد كان أكبر إنجازاتهم هو تخليص المناهج التعليمية من النعرات الحزبية والطائفية ولقد تمت صياغة النظام العام للتعليم فى اليابان فى قانونين هما:- قانون التعليم الأساسى وقانون تنظيم التعليم بالمدارس وورد فى القانون الأول التأكيد على المساواة فى فرص التعليم للجميع وعلى حظر التمييز على أساس طبقى أو عرقى أو دينى أو اجتماعى وقد منع القانون وجود أى علاقة بين الأحزاب السياسية والجمعيات الدينية والتعليم، بمعنى أن القانون اليابانى حرص على استقلال التعليم الأمر الذى نخشى أن لا يتأكد فى مصر فى ظل المفهوم الحالى الذى يتم طرحه باسم " اللامركزية" وعلينا أن نمعن النظر فى التجربة الفريدة لليابان التى تميز نظامها التعليمى بمركزية شديدة فيما يخص الأهداف العامة التى من بينها توفير المساواة فى فرص التعليم ونوعيته لمختلف طبقات الشعب دون النظر إلى المنطقة أو المدينة أو القرية التى ولد فيها التلميذ مما يضمن للقائمين على التعليم وللمجتمع أن يحصل الدارسون على أسس معرفية واحدة سواء كانوا من أبناء الشمال أو الجنوب وبغض النظر عن أوضاعهم الاقتصادية، ومع وجود المركزية فى النظام التعليمى اليابانى هناك أيضاً ما يمكن تسميته بلامركزية الإدارة التى تطلق الطاقات المحلية والمبادرات ولكن دون الإخلال بالأهداف العامة وتكافؤ الفرص.












10-6-2008تطوير التعليم ( الوزارة تنقض غزلها)



تطوير التعليم ( الوزارة تنقض غزلها)
                                                                    بقلم/ سمير الأمير
 رغم أننى كنت قد قررت بينى وبين نفسى أن أتوقف عن ممارسة التفكير لكى أتمكن من بناء جسور للتوافق بينى وبين وزارة التعليم التى أعمل بها مدرسا للغة الإنجليزية منذ خمسة وعشرين عاما إلا أن الطبع يغلب التطبع ويبدو أن المثل الشعبى الذى لم تتوقف أمى أبدا عن ترديده على مسامعى" نهيتك ما انتهيت والطبع فيك غالب"سيظل يلاحقنى حتى آخر عمرى،
  يدفعنى لهذا الكلام ما أعلنت عنه الوزارة من البدء فى تلقى طلبات المعلمين للانضمام إلى المرحلة الثانية من الكادر الخاص بهم وذلك بتقديم طلبات الالتحاق باختبارات الأكاديمية التى أنشأت خصيصاً لتحديد هؤلاء الذين لهم الحق فى شغل وظائفها التعليمية والغريب أن الوزارة تبدأ مشروعها وكأن كل معلمى مصر غير مؤهلين تأهيلاً جيدا يسمح لهم بالتدريس فى المدارس المصرية والغريب أيضاً أن كل برامج تدريب المعلمين السابقة التى أنفقت عليها الدولة ملايين الجنيهات أصبحت وكأنها لم تكن،  وهذا فى اعتقادى غير صحيح فالمعلمون المصريون قد أثبتوا أنهم لا يقلون كفاءة عن كل مدرسى العالم وقد ساهموا فى نشر التعليم فى دول الخليج ودول المغرب العربى ويعرف القاص والدانى قدرهم ومكانتهم ومحاولة تحميلهم كارثة فشل النظام التعليمى عبر الإيحاء بضعف مستواهم هو تجاهل للظروف المحيطة بالعملية التعليمية من ضعف التخطيط التربوى وكثافة الفصول ونظم الامتحانات التى هى أساس ظاهرة الدروس الخصوصية بغض النظر عن ضعف مرتبات المعلمين، إن نظاما تعليمياً يطلب من معلم قضى فى وظيفته أكثر من عشرين عاماً أن يثبت أنه معلم هو نظام يسعى لزعزعة ثقة المعلم بنفسه وكان ينبغى لهذا النظام أن يدعمه ببرامج التدريب وبرفع راتبه للدرجة التى تقلص من ظاهرة الدروس الخصوصية التى تشكل فشلاً مجتمعياً وإن كانت تثبت من ناحية أخرى قدرة واحتراف المعلمين فى التعامل مع مناهج تقيس فقط القدرة على الاستظهار
 الأمر فى تقديرى ينطوى على إهانة بالغة لمعلمى مصر كما ينطوى على اعتراف- لا مبرر له- بإهدار للمال العام فى برامج سابقة لم تعلن الوزارة صراحة أنها كانت بلا طائل والمفهوم أيضاً أن الوزارة غير راغبة فى محاسبة هؤلاء الذين خططوا ونفذوا تلك البرامج التى كان أخطرها- هذا إن صح افتراض فشل البرامج السابقة- قيام الوزارة بإرسال بعثات إلى أوربا لتحسين أداء المعلمين وتطوير طرق التدريس وقد تم ترشيح هؤلاء المبعوثين من قبل الموجهين وتم تدريبهم بمراكز التدريب بالوزارة واجتازوا اختبارات ومقابلات للتأكد من أنهم سيكونون ممثلين جيدين لمهنة التعليم المصرية وللشعب المصرى فى الدول التى بعثوا إليها وقد كانت تلك البعثة هى أكبر البعثات التعليمية منذ عهد محمد على إذ بلغ عددها حوالى 11647 معلماً ومعلمة فى معظم التخصصات كالعلوم واللغات الأجنبية والرياضيات وامتدت عملية التدريب فى الخارج من عام 1993 وحتى عام 2005 ومن المعروف أنهم جميعا قد اجتازوا اختبار " التوفيل " بنجاح بالإضافة إلى أنهم كانوا من أكفء العناصر فى تخصصاتهم طبقاً لتقارير الأداء ولأراء الرؤساء المباشرين وقد عادوا إلى مصر بعد حصول معظمهم على شهادات من جامعات دولية تثبت أنهم ليسوا أقل كفاءة من المدرسين فى المدارس البريطانية والألمانية والفرنسية بل أن بعضهم حصل على شهادات جدارةcommendation كانت تؤهلهم للبقاء فى الدول الأوربية والتدريس فى مدارسها فما الذى استفادته الوزارة من هؤلاء ؟وما الذى استفاده دافعو الضرائب المصريين من كل الأموال التى أنفقت على برامج تدريبهم فى مصر قبل السفر وعلى إقامتهم وتدريبهم فى أوربا أثناء بعثتهم؟،  لقد قدمت الباحثة" عائشة عبد السلام المنشاوى" دراسة حول تلك البعثات لتقييم التجربة والوقوف على أساليب الاستفادة منها ورغم أن الباحثة تعمل بوظيفة مدير عام بالوزارة إلا أنه يبدو أن الوزارة لم تلتفت لجهدها الذى يستحق التقدير وأشهد طبعاً وأنا أحد هؤلاء المبعوثين أن العائد من المشروع كان متواضعا جدا ولا يناسب حجم ما تم إنفاقه عليه وذلك لأن المدرسين عادوا ليخضعوا لنفس النظم التى ذهبوا لكى يعودوا بأساليب لتغييرها، ولا يعنى ما أقوله أن المدرسين الذين لم تشملهم البعثات ليسوا مؤهلين للتدريس أو أنهم أقل كفاءة من زملائهم المبعوثين فبعضهم منعته الظروف العائلية من السفر ولاسيما النساء والأمر لم يعد مثارا للاختلاف بعد أن نقضت الوزارة غزلها وأعلنت عن إنشاء أكاديمية المعلمين لتقول للمعلم بالفم المليان" أنت لست معلماً وعليك أن تثبت أنك جدير بمهنتك بالخضوع لاختبارات الأكاديمية بمستوياتها التى حددتها فى ثلاثة محاور هى اللغة العربية والعلوم التربوية ومادة التخصص".
  ولا اعتراض لدى على أهمية إنشاء أكاديمية المعلمين ولكن يجب أن تضفى هذه الأكاديمية مزيدا من احترام المهنة فلا تخضع هؤلاء الذين أمضوا أكثر من نصف عمرهم فى المدارس للاختبارات ولا هؤلاء الذين عادوا بشهادات من الجامعات الأوربية تثبت أنهم معلمون ممتازون وليس معنى هذا أن تتركهم الأكاديمية بلا تدريب ولكن فلتنظم لهم ما شاءت من تدريب أثناء العمل in-service training ومعظمهم يقترب من سن الإحالة للمعاش أما الاختبارات فلتكن للمتقدمين الجدد لشغل الوظائف التعليمية من شباب الخريجين ومن الذين لم يمض على تعينهم أكثر من خمس سنوات. وقبل ذلك على الوزارة أن تفتح تحقيقاً حول البعثات السابقة ومدى ما أنفق عليها من أموال وما هى الأساليب التى اعتمدتها للاستفادة من هؤلاء المعلمين فى تدريب زملائهم الذين لم يتمكنوا من الانضمام للبعثات وهل تنوى الوزارة الاستفادة من خبراتهم فى عملية التطوير المزمعة بضمهم للأكاديمية كمدربين أم أن على هؤلاء أيضاً أن يثبتوا كل يوم أنهم معلمون؟ وأين نقابة المعلمين من كل هذا الذى يجرى لأعضائها؟ فى اعتقادى أن عليها أيضاً أن تثبت الآن أكثر من أى وقت مضى أنها " نقابة"   

28-7-2008كادر المعلمين.. إهدار الخبرة و الكرامة



كادر المعلمين.. إهدار الخبرة و الكرامة
                                                                        بقلم/ سمير الأمير

تنطوى الاختبارات المزمع عقدها لكل معلمى مصر بنهاية شهر أغسطس 2008 والتى أعلنت وزارة التعليم أنها تهدف إلى تسكينهم فى الوظائف التعليمية على منطق غريب، إذ أنها تعنى أننا نبدأ من المربع رقم واحد وكأن كل معلمينا بحاجة إلى شهادة صلاحية للتدريس مما يعد فى تقديرى إهدارا لكرامة المعلم المصرى وتشكيكا فى قدراته، الأمر الذى سيكون له انعكاساته السلبية على سمعة المعلم المصرى فى البلاد العربية التى اعتمدت على المعلم المصرى منذ استقلالها وحتى الآن، فقد قاد المعلم المصرى عملية التعريب فى المغرب العربى وأسهم فى نشر التعليم بدول الخليج العربى بصورة لا يستطيع أحد أن ينكرها ولعل الدكتور حسين كامل بهاء الدين كان من أكثر وزراء التعليم وعيا بتلك الحقيقة وكان لديه إيمانا عميقا بأن لدينا ما يمكن البناء عليه ومن ثم أرسل الرجل إلى الدول الأوربية أكبر بعثة تعليمية ضمت صفوة من المعلمين المصريين المتميزين قوامها 11000 معلم من كافة التخصصات وكانت وجهة نظره أن هؤلاء المبعوثين العائدين سيشكلون ما يعرف بالكتلة الحرجة المنوط بها تطوير نظام التعليم فى مصر وقد أنفقت مصر على تدريب هؤلاء المعلمين بالخارج ملايين الدولارات هذا بالإضافة إلى ما أنفق على إدارات التدريب فى مختلف مديريات التعليم بكل أنحاء مصر،
 إن مشروع الكادر بوضعه الحالي وباختباراته ذات المستويات المجحفة سوف يربك التعليم في مصر ويصيب المعلمين بالإحباط وذلك للأسباب ألأتيه:-
 1- يساوى الكادر بين المعلم الذى عمل فى الحقل التعليمى لمدة 25 عام وبين المعلم الذى قضى 15 عاما لكونهما يشغلان درجة مالية واحدة
2- يعتبر الكادر أن كل شهادات الخبرة بدرجة امتياز التى حصل عليها المعلمون المصريون من وزارات التعليم فى الدول العربية كأنها لم تكن وإن كان ذلك يمكن قبوله باعتبار أن شهادات الخبرة تلك لا علاقة لها بمصر فهل يمكن لعاقل أن يتصور أن وزارة ترسل مدرسيها لبعثات وتنفق على المدرس الواحد آلآف الدولارات لكى يتلقى تدريبا متقدما فى أرقى معاهد وكليات التربية بانجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ثم لا تعترف تلك الوزارة بالشهادات التى حصل عليها معظمهم والتى أثبتت أنهم كانوا ممثلين ممتازين لمهنة التدريس المصرية وللشعب المصرى، وكذا لم تذكر كل تقارير الأداء السنوية التى  يبدو أن الغرض منها كان شيئا آخر غير تقييم الأداء
4- ليس من المنطقى أن مدرسا أو مديرا لم يتبقى له سوى أربع أو خمس سنوات على سن الخروج للمعاش يكون عليه أن يخضع لاختبار الكادر ليتم تسكينه على وظيفة معلم خبير أو معلم كبير،
5- يهدر المشروع كل المؤهلات التربوية التى حصل عليها المعلمون المصريون وذلك لأن الممتحنين يصرون على اختبار المعلمين فى نظريات التربية التى لا يملك المعلمون لها كتبا أو مراجعا ولم يتم تدريسها لهم فى أى من وحدات التدريب المنتشرة فهل سيتم إغلاق كليات التربية باعتبار أن خريجيها غير مؤهلين تربويا وأن شهاداتها مجرد حبر على ورق
6- هناك قدر لا يستهان به من انعدام الثِقة بين الوزارة ومنتسبيها ويتشكك بعض المعلمين فى الكيان الافتراضى غير الملموس فى الواقع والذى سيعقد لهم الامتحانات ويرى أن الوزارة هنا تخطت حدودها لأن ذلك منوط بالجامعة وبكليات التربية التى يمكنها أن تعين الأكاديميين الصالحين لقيادة عملية التطوير ويتساءل كثير من المعلمين عن سر تعيين هؤلاء المحظوظين فى تلك الأكاديمية الافتراضية
7- لم تعد نسبةال50 فى المائة التى حصل عليها المعلم تحت مسمى المرحلة الأولى من الكادر تميزه بأية ميزة عن أى موظف فى الإدارة المحلية حصل على نفس النسبة تحت مسمى" حافز الإثابة" ولكى يعلم الجميع إلى أى مدى هذه النسبة هزيلة يكفى أن أضرب مثلا بنفسى إذ قضيت فى التربية والتعليم أكثر من 25 عاما وبلغت الزيادة فى مرتبى حوالى 130 جنيها فقط
8- المدة البينية للتقدم لوظيفة أعلى هى خمس سنوات  والمطلوب أن يؤجل المعلم دخول الامتحان إذا كان ينتظر  ترقية تؤهله لدخول المستوى الأعلى فهل يسمح له بالتأجيل لأكثر من عام أم أن عليه أن يكشف رأسه للسماء ويدعو الله أن ينجده بالدرجة المالية الجديدة قبل حلول الموعد؟
إن السرعة غير المبررة التى شابت التخطيط لهذا الكادر بدت وكأنها نوع من التأجيل أو للالتفاف على وعد الحكومة بإصلاح أحوال المعلمين المادية ويكفى للدلالة على فشل القائمين على هذا الكادر أن هناك حالة عامة من السخط تسود أوساط المعلمين المصريين فى بداية عام دراسى جديد ستنعكس بالتأكيد على أدائهم داخل الفصول ويتساءل بعض المتندرين والمتفاكهين من أبناء المهنة عن الضمانات التى تجعل امتحان الكادر لا يتسرب بنفس الطريقة التى اتبعها أصحاب النفوذ لتسريب امتحانات الثانوية العامة ! أما بعض المتشائمين فيقولون أن كافة مؤسسات المجتمع التربوية أصبحت خارج السياق ولا سبيل لإصلاحها إلا  فى ظروف سياسية واقتصادية مغايرة